يا لطيف! فوبيا إيران وصلت إلى غرف نوم آل سعود؟

إيران باتت اليوم تُعاني من وطأة الحصار الاقتصادي ومن العزلة الإقليمية وبدأت تُردد مقولة صدام حسين ’قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق’

والمواجهة بين إيران وخصومها قادمة لا محالة وبوادرها باتت تلوح بالأفق وهي تنتظر فقط خطئاً بسيطاً ليشعل شرارة تلك الحرب المُدمرة

لعبت الظروف الدولية والإقليمية الأخيرة لصالح الإيرانيين فدفعتهم إلى العربدة في ظل غياب دور العراق واختلال مصر وتدهور الوضع باليمن

أراد آل سعود استغلال الهاجس الإيراني ليكون بعبعاً رادعاً لكل من يفكر بمعارضتهم فإذا بذلك الهاجس الإيراني يتغلغل إلى داخل قصورهم!

ما دعاني اليوم لكتابة هذا المقال عدة أحداث ومؤشرات وقعت خلال الأسبوعين الماضيين, فجعلتني أعيد قراءة ما حدث وأحاول سبر أغوار تداعيات تلك الحوادث العابرة ومقارنتها مع الحالة العامة لشعوب المنطقة وربطها بأحداث وتداعيات قادمة.

أولى تلك الحوادث هي حالة الإستنفار لقطعات الجيش السعودي المتواضعة وتحركها دون هدى في جهات عشوائية, بعد نفوق نايف وتنصيب سلمان ولياً للعهد بدلاً عنه, مما ولد هلعاً وشعوراً عاماً بالقلق لدى غالبية أفراد الشعب حيث أفصحوا من خلال ما جرى عن حالة من التخبط واللا استقرار والخوف من المُستقبل المجهول.

فبعضهم فسر تلك التحركات العسكرية العشوائية دليلاً على وجود أمر ما وربما خلافات حادة حدثت بين الأحفاد (أحفاد عبد العزيز), وهو ما دفع كل طرف منهم لاستعراض عضلاته الميلشيوية ليردع الآخر ويكبح جماحه ويرد كيد مطامعه.

والبعض الآخر بالغ كثيراً فربط الأمر على أنهُ استعداداً وتهيأة لعملية القبض على الشيخ الشيعي المتمرد على سلطة آل سعود نمر النمر, وهو نوع من المُبالغة والتهويل وتضخيم خطر الشيعة في المنطقة الشرقية.



أما البعض الآخر فقد فسر الأمر على أنه مُجرد تأهب عسكري روتيني وهو عبارة عن حالة ترقب في حال أقدمت تركيا على الرد العسكري وقامت بضرب النظام السوري, وذلك بعد حادثة إسقاط المقاتلة التركية على يد قوات الدفاع الجوي السوري حيث هوت طائرة الـ F4التركية على الحدود السورية, وأن آل سعود كانوا يخشون من ردة فعل سورية أو ربما إيرانية عنيفة في حال تم ضرب سوريا.

أما بعض المراقبين فقد ربطوا بين حالة الاستنفار لقوات آل سعود المُهلهلة مع قرار أمريكا والدول الغربية في فرض حظر دولي على النفط الإيراني, وهو ما سيدفع إيران ربما إلى الرد بتهور ومن ثم قيامها بإغلاق مضيق هرمز, التي طالما هددت بتنفيذه في حال تم تطبيق الحظر النفطي على طهران, وهو ما أصاب آل سعود بحالة هستيرية بعد أن علموا أن واشنطن قررت اتخاذ قراراً يقضي بحظر النفط الإيراني دون مشاورتهم, فسارعت الرياض لملأ الفراغات في المناطق والمدن الرخوة, وذلك من خلال نشر بعض القوات السعودية المُشكلة ما بين جيش نظامي وحرس وطني وقوات أمن وطوارئ.

وبعيداً عن الأسباب الحقيقة وراء تكدس عجلات آل سعود العسكرية المهترءة في الشوارع, وبعيداً عن أسباب ذلك التحشيد المُرتبك والعاجل, حتى أن أغلب المُستنفرين كانوا لا يعلمون سبب تحركهم أو سبب ذلك التأهب!

إلا أن من خلال ذلك التحرك أظهر لدينا حالة من الهلع الشعبي العام وكشف لنا عن شعوراً طاغياً بالرعب من المُستقبل المجهول, خصوصاً من قبل أولئك الذين يعتبرون آل سعود هم ربهم الأعلى وأنهم بدون وجود آل سعود سينتهون, فبعضهم أصيب بأم الركب حينما علم أن هنالك صراعاً دام وخلافات عنيفة دارت بين الأحفاد, وأن أولئك الأحفاد بدؤوا يحركون أزلامهم وأتباعهم لإرعاب وردع بعضهم البعض؟

والبعض الآخر كان يحاول شحذ همم ولاة أمره ويحذرهم من خطر التدخل الحتمي لإيران وقضائها على دولة التوحيد المزعوم, وأنها ستستغل الفرصة وستدعم الشيعة في المنطقة الشرقية, وستدعم انفصال إقليم القطيف والأحساء الشيعي!

بينما البعض منهم كان مُرتبكاً ويفكر بدافع من اليأس والتسليم بالأمر الواقع, لكنه بدأ يحسب ويترقب, فيقول ماذا سيحصل لنا وماذا سنفعل لو تصارع آل سعود فيما بينهم على الحكم وأصبحت الدولة فوضى؟

والبعض من هؤلاء كان يتصرف بسذاجة وتفكيره كان منصباً على راتب آخر الشهر وهل سيجد صرافاً آلياً يستطيع من خلاله أن يستلم راتبه في حال وجود فوضى, وبعضهم كان يفكر عن بدائل للكهرباء وكيف سيعيش بدون أجهزة تكييف مع أجواء الرياض الجهنمية.

ومن خلال سبر أغوار أولئك الهلعين البائسين يتضح لنا أنهم قد سلموا بأن دولة آل سعود هي عبارة عن دولة كارتونية آيلة إلى السقوط الحتمي في أي لحظة, وأن ماما أمريكا هي الراعي الرسمي وهي الحامي الحقيقي ولولاها لضاعوا وتشردوا في الفيافي والقفار, وأن آل سعود هم أزلام أمريكا المفضلين وإذا ما ذهبوا فسوف تتخلى أمريكا عن الشعب وسيضيعون.

ولاشك أن هنالك كثير من المواطنين الشرفاء العقلاء كانوا يتحرقون ألماً ويشعرون بالإهانة حينما يروا ذلك الحكم السعودي الكرتوني الفاشل البائس الذي جعل بلادهم عبارة عن فطيسة أو لقمة سائغة تتصارع عليها ضباع المنطقة وذئاب الغرب.

وهم يلمسون الأخطار المحدقة بالبلاد والعباد ولكنهم عاجزون وسيفشلون مُستقبلاً في الذود عن وطنهم بسبب الاهمال والتجاهل والاعتماد على قوى الأجنبي, فلا وجود لجيش حقيقي يحمي البلاد, ولا هنالك تجنيد إلزامي يجعل من مليون شاب عاطل ليؤهلهم كجنود محترفون بواسل, ولا هنالك مراكز أهلية أو جمعيات شبابية للتدريب العسكري حتى يتهيأ أفراد الشعب للدفاع عن البلد في حال تعرض لغزو خارجي أو أي اعتداء من أي طرف.

وبالرغم من مرور 22 عاماً على أزمة الكويت وافتضاح أمر آل سعود بعدما عجزوا عن حماية عرشهم, واستعانوا بمجندات أمريكا للذود عن بيضة إسلامهم السعودي, فمازالوا لحد الآن عاجزين عن تكوين جيش محلي قادر على حماية أنفسهم ومازالوا يعتمدون في بقائهم على بساطيل الجيش الأمريكي!

ولهذا كل الرجال ولا أتحدث هنا عن أشباه الرجال, بل أقول جميع الرجال في داخل جزيرة العرب يشعرون بالإحباط لدرجة الإذلال لأنهم مقيدون وعاجزون عن الذود عن بلادهم ومازال الوطن رهينة بيد واشنطن, ومازالوا عاجزين عن رد المارد الإيراني.

فلاشك أن هنالك هلع ورعب أصبح شبه دائم يُطارد أغلب سكان جزيرة العرب من تغول الدور الإيراني في المنطقة, ويُغذي ذلك الاحساس بالخوف شعور عام بالتضاؤل والتراجع أمام قوة وغطرسة الغول الإيراني المُتصاعد, حيث استشرست إيران وتمددت فأصبحت خطراً داهماً على شعوب تلك المنطقة قبل حكامها, والجميع بات يلمس أن إيران أخذت تتدخل بشكل فج وسافر سواء في العراق أو حتى في الشؤون الخليجية وباتت تهدد وتعربد دون رادع أو خشية أو حتى قيود, وعليه فإنها أصبحت في نظر بعض دول الخليج على أنها العدو الأول والخطر الداهم على مستقبل تلك المنطقة النفطية وعلى شعوبها المكشوفة والمغلوبة على أمرها.

والحقيقة أن حكومات دويلات الخليج قد انقسمت كعادتها حول رؤيتها وموقفها من الجار الإيراني المتحفز, فمنهم من صنف إيران على أنها عدواً استراتيجياً وخطراً داهماً أشد خطورة من العدو الإسرائيلي, وبدأ يُرسل إشارات إيجابية على أنهُ على استعداد تام للتعاون مع تل أبيب في سبيل إزاحة ذلك الكابوس الإيراني الجاثم على صدور حكام المنطقة, وبدأ يُفلسف طبيعة العلاقة من الصهاينة مبرراً أن العداء مع إسرائيل بات من مخلفات الماضي وقد انتفت أسبابه.

ومنهم من أصيب بفوبيا إيران حتى أفقدته توازنه وفقد صوابه فاتهم ثلثي شعبه بأنهم عملاء للفرس وأتباع لإيران وأنهم مُجرد بيادق رخيصة بيد ملالي قم وطهران, وهو بهذا يكون قد تبرع مجاناً لإيران بثلاث أرباع شعبه لأنهم من الشيعة الذي لا يأمن الحاكم بوائقهم, فجازاهم جزاء سينمار, وذلك حينما صوت شيعة البحرين لاستقلال البحرين وأعلنوا عدم انضمامهم لإيران الشاه في عام 1971م, وبهذا يكون قد خسر الملك التعيس هذا ركناً مهماً من أركان عرشه وربحت إيران تلك الهدية الثمينة التي قدمها لها العميل المُرتعب صنيعة الإنجليز.

ومنهم من اعتبر إيران على أنها دولة لدودة قوية وطامحة وهي الآن تحتل جزره الثلاث, وإن أحمدي نجاد قد استفزهم من خلال زيارته الميدانية إلى جزيرة أبو موسى, ولكن مع هذا يمكن التفاهم مع الإيرانيين وحل جميع المشاكل العالقة معهم عن طريق الحوار أو حتى عن طريق محكمة العدل الدولية, أولاً بذريعة أنهم لا قبل لهم بمواجهة إيران, وثانياً يرى أن خطورة إيران هي قطعاً لا تضاهي خطر تنظيم الإخوان المسلمين, ولهذا يجب ركن قضية إيران جانباً في الوقت الحاضر والتفرغ لمواجهة الخطر الاخونجي الداهم وخوض معارك خلفان الدينكشوتية.

وهنالك من بلع خازوق صباحي أصلي كان من صنع يديه وحياة عينيه, وبات ينطبق عليه مقولة (دبور زن على خراب عشه) فبعد أن كان صدام حسين المقيد أممياً جاراً له؟ أصبحت إيران الفارسية المتغولة الطامعة الطامحة المتعجرفة والمُتأهبة تجاوره برياً وعلى مرمى حجر من قصر مشرف, وذلك بعد أن سعى بكل ما استطاع من مال وخبث وتأليب وتحريض لتدمير العراق, ولما تحققت أمنيته الشيطانية تلك بتدمير بلاد الرافدين, انقلبت الآية عليه وجرت الرياح السياسية على غير ما تشتهي سفنه البحرية وأتت التغييرات المذهبية وحتى الجغرافية على عكس ما تمنى, فأصبحت طهران جارة له تحده برياً وميلشياتها الشيعية الضاربة قادرة على إعادة الكرة مرة أخرى, فأعادت له سيناريو وذكريات الهروب الكبير إلى الخفجي.

وهنالك من نأى بنفسه واتخذ موقف الحياد أو التجاهل والابتعاد عن المشاكل كعادته, ورفع شعاره الدائم (طنش تعش تنتعش) فلم يعد يأبه أو يهتم كثيراً بكيان ذلك المجلس الخليجي الهش, وشخصياً لا ألوم السلطان قابوس إذا ما تجاهل كيان (حلف الإخوة الأعداء) واعتزل تلك الفتن التي لم تجلب للشعوب العربية وشعوب المنطقة غير الموت والدمار وخراب الديار, فلو حظينا بمواقف حيادية حذرة ورصينة منضبطة كمواقف قابوس لما حدثت ثلاثة حروب دموية في المنطقة, والرابعة باتت وشيكة على الأبواب.



وبالإضافة إلى ذلك الهلع والرعب الحكومي من الخطر الإيراني الداهم والمُهدد لديمومة العروش الإنجليزية العتيدة, وجدت بعض الأنظمة الخليجية وعلى رأسها السعودية الذريعة أو المسوغ لجعل من البعبع الإيراني شماعة أو بمثابة السلاح الرادع أو (الخريعة) لأي شخص يُفكر مجرد تفكير بمُعارضة حكم آل سعود؟

وذلك من خلال التلويح بالبعبع الإيراني واتهام كل مُعارض للنظام السعودي على أنه مدعوم وممول مالياً من قبل العدو التقليدي الإيراني, وقد أستطاع ابن سعود أن ينجح في الترويج لتلك الأكاذيب وكذلك التغرير بعقول الكثيرين من خلال العزف الدائم على وتر الطائفية والمذهبية البغيضة, علماً أن غالبية شعبه من سكان المنطقة الشرقية الغنية بالنفط هم على المذهب الشيعي!

علماً أن آل سعود مازالوا يحتفظون بعلاقات دبلوماسية وتعاون استخباري وثيق مع الإيرانيين, فقبل نفوق نايف بن عبد العزيز بشهرين التقى برئيس الاستخبارات الإيراني, وقد استقبله بالأحضان وجلسا معاً وتبدلا الأخبار والمعلومات بحضور مقرن ولد بركة.

وقبلها بعدة أشهر رست البارجة الحربية الإيرانية التي كانت تحمل الأسلحة للنظام السوري في ميناء جدة, وقد تم تزويدها بالوقود السعودي قبل أن تغادر وتكمل مسيرتها نحو ميناء طرطوس السوري, وقد شكر الإيرانيون آل سعود على تزويد بارجتهم الحربية بالوقود.

ومع هذا لم نسمع لأبواق آل سعود أي حس بل بلعوا ألسنتهم وصمتوا صمت القبور, بينما يحلوا لآل سعود اتهام الخصوم بالتعاون مع إيران ويعتمدون في ذلك التسويق الرخيص على الشحذ الطائفي في استغلال سذاجة وحمق فئة كبيرة من أبناء الشعب, حيث يحركون في داخلهم مشاعر الكره ونوازع البغض والحقد المذهبي فيتبعهم كل ناعق جاهل وكل خائب مأجور.

فأصبحت شماعة الدعم الإيراني جاهزة ومعلبة, بل وزاد عليها اتهام كل مخالف للسياسة أو المنهج (الوهابي) على أنهُ رافضي المذهب أو صوفي قبوري, وأخيراً برزت تهمة جديدة ومعلبة وهي اتهام الخصم بأنهُ إخونجي, وتلك التهم والهرطقات أصبحت من مضحكات آل سعود وزبانيتهم, ولن تفاجئ حينما تجد أتباع آل سعود وهم يكفرون ويبدعون أي شخص لا يتبع آل سعود أو لا ينساق خلف تعاليم كنيستهم النجدية حتى جعلوا من "نجد مُسيلمة" أرض العسل واللبن والمن والسلوى!

فأي شخص يخالف آل سعود ويكشف زيفهم فهو في نظر هؤلاء صنيعة إيرانية ويتلقى الدعم من طهران!

فأصبحت إيران هي العدو وهي البعبع وهي المشكلة وهي الحل بنفس الوقت للنظام التعوسي, فأسهل طريق لأجهزة النظام الأمني السعودي في حال أرادوا التخلص من إزعاج لأي منتقد أو داعية أو مُعارض هو القدح في دينه أو مذهبه ورميه بتهمة الرفض, أو اتهامه بشكل عام بأنه مدعوم من قبل إيران.

ولطالما نجح النظام السعودي في تسويق تلك الأباطيل الجوفاء من خلال استغلال الخطر الإيراني لدى شرائح كبيرة من أبناء الشعب المغيبين, إلا أن الهاجس الإيراني هذا قد تحول لاحقاً إلى فوبيا مرضية ملكية, فأصبح نظام آل سعود لا يتورع من اتهام أقرب الناس إليه بـ(الأيرنة) فيرميه بتهمة تلقي الدعم من قبل ملالي طهران, وهو الأمر الثاني الذي دعاني لكتابة هذا المقال, وهو وصول فوبيا إيران إلى فراش وغرف نوم آل سعود!



فقبل فترة وجيزة وبخت الأميرة السعودية بسمة بنت سعود من قبل النظام السعودي, والتي تعيش حالياً في لندن والعاشقة للأضواء والمُحبة للظهور الإعلامي, وذلك بعد ظهورها المفاجئ على قناة العالم الإيرانية, مما اضطرها للاعتذار لاحقاً للأسرة عن خطئها الاستراتيجي, لأنها لم تعرف حقيقة أهداف تلك القناة الإيرانية حسب قولها, وأن القناة قامت بتحريف تصريحاتها, وقد أتى التوبيخ أوكاله.

http://www.youtube.com/watch?v=Lovqqb36bLA

إلا أن ما جاء في التصريحات الأخيرة للأميرة السعودية الأخرى سارة بنت طلال إلى صحيفة التليغراف, والتي طلبت مؤخراً حق اللجوء السياسي إلى بريطانيا, قد قلب الطاولة على رأس آل سعود, وأثبت من خلال تصريحها أن آل سعود باتوا يُعانون فعلاً من فوبيا أو عقدة إيران فأخذوا يشكون حتى في أقرب الناس إليهم وهن نساء قصورهم, بحيث باتوا يرتابون حتى بالأميرات السعوديات!

فقد ذكرت الأميرة السعودية سارة بنت طلال بن عبد العزيز أنهم قد اتهموها بتلقي الدعم من قبل إيران!

http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/middleeast/saudiarabia/9383601/Saudi-Arabias-Princess-Sara-claims-asylum-in-the-UK.html

إذن من الآن فصاعداً على كل مخالف أو مُعارض لآل سعود أن لا يقلق كثيراً من فرية وتلفيق تهمة رخيصة كالادعاء أنهُ مُتعاون مع إيران أو يتلقي الدعم من قبل ملالي طهران, مادام النظام السعودي الأرعن قد خرج عن طوره وبدأ يتهم الأميرات السعوديات أنفسهن بتلقي الدعم من قبل إيران, وهو ما حصل مؤخراً مع حفيدات عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود.



لأن النظام السعودي بدأ يفقد توازنه ويترنح, وهو يشعر أن خطر الإيرانيين بات ملموساً وداهماً ومهدداً لبقائه, فأصبح شبح إيران يطارد آل سعود في كل مكان, ولهذا لم يوفروا حتى الأميرات السعوديات من تهمة التآمر مع إيران على قلب الحكم.

ورب سائل يقول : وهل تُشكك بخطورة ومطامع إيران؟

وجوابي سيكون بالتأكيد لا, لأن إيران أصبحت قوة متغولة وشرسة ومنفلتة وباتت تشكل خطراً حقيقياً على مصير ومستقبل دويلات أو أنظمة كراتين الخليج, لكن السؤال المقابل هو : من أوصل إيران لتلك القوة الغاشمة؟

ومن هو الذي تآمر على دور العراق كدولة رادعة فشارك في تدميرها لكي يفسح الطريق لإيران المنهزمة لكي تسيطر عليه ويمتد نفوذها حتى وصل إلى الشام؟

من هو الذي كان يدعم المعارضة العراقية الشيعية ويستقبلهم في فندق صلاح الدين في الرياض, ويمولهم بملايين الدولارات؟

من هو الذي أطلق إذاعة (صوت العراق الحر) من جدة ونصب لها مرسلات إذاعية على حدود العراق لخلخلة نظام صدام حسين في العراق؟

ومن شارك في حصار العراق لمدة 12 عاماً وإنهك شعبه, وأقر خطوط العرض الخاصة بالحظر الجوي على العراق, بحجة حماية الشيعة في الجنوب والأكراد في الشمال؟

بل من هو العميل الرعديد الفاسد اللص الذي تخاذل وفشل طوال أربعة عقود من أن يبني جيشاً عقائدياً محترفاً وقوات حقيقية ورادعة لإيران ولغير إيران؟

شخصياً أرى أن على ملالي إيران أن تضع نُصباً لتماثيل حكام الخليج في شوارع ظهران تقديراً لهم ولجهودهم الجبارة في تدمير العراق, فهؤلاء الرعاديد هم من جعل إيران تتغول وتفرد عضلاته على الشعوب العربية في منطقة الخليج العربي, وهم نائمون في العسل ويتسابقون في إطلاق القنوات الفضائحية وخوض مسابقة مزايين الإبل ورقصة اليولة, ومُعتمدين اعتماداً كلياً على بساطيل مارينز ماما أمريكا في حماية عروشهم وإدامة كروشهم.

وليعلم آل سعود أن مرحلة البروكسي قد انتهت, فلم يعد هنالك أطراف تستطيع الذود عن آل سعود بالوكلة, فمرحلة الحروب بالنيابة قد ولت, فلا أمريكا المُنهارة مستعدة للدفاع عن عرش آل سعود ولا حتى العراق قادراً أو يقبل مبدأ الدفاع عن العرش السعودي كما حصل أبان حرب الخليج الأولى.

أذكر أني شاهدت كلمة للملك السعودي فهد بن عبد العزيز في عام 1990م, وهو يبرر قرار جلبه للقوات الأمريكية, ويسرد مواقفه المشرفة مع الجاحد صدام حسين, وكيف أنهُ وقف مع العراق في حربه الدموية مع إيران, ودون أن يشعر فهد ذكر معلومة تدينه قبل أن تدين صدام؟



حيث ذكر الملك فهد من ضمن ما ذكر عن مراوغة وكذب صدام حسين حسب قوله, أنه ذكر :

(أن السعودية كانت تدفع مبلغ 20 ألف دينار عراقي لكل شهيد عراقي يسقط في الحرب مع إيران!).

ثم قال : (وقد وصلتنا معلومات مؤكدة أن صدام حسين كان يعطي 10 آلاف دينار عراقي فقط لأسرة الشهيد ويأخذ الباقي, ومع هذا سكتنا ولم نتكلم في حينها!).

وهنا يثبت الملك فهد على أنهم دفعوا صدام أو ورطوه في تلك الحرب الضروس, ثم سرعان ما تآمروا عليه حينما دخل الكويت, والمخزي أنهم اليوم يتباكون على ذكراه وهم من قدمه قرباناً على مذبح واشنطن وطهران, ثم عادوا ليرقصوا العرضة النجدية مع سيدهم السفاح جورج بوش!

إذن بعد الآن لن يجد آل سعود صداماً آخر ليكون مصداً لهم ورادعاً لإيران, ومصر مبارك تغيرت فأصبحت مصر مرسي, ولن يخوض إخوان مصر حرباً بالنيابة عن السعودية أو الخليج وهو يُعاملونهم كحشرات موبوءة, وحتى اليمن في وضعها الحالي لن تكون بروكسياً عراقياً آخر للذود عن كروش آل سعود.



لم يبقي سوى الرهان على قوة أمريكا وإسرائيل؟

أما أمريكا فقد تجرعت السم الزعاف كما تجرعه الخميني من قبل في العراق وحتى في جبهة أفغانستان, ولن تكرر حماقاتها حتى ولو نجح الجمهوريون في الانتخابات القادمة.

وأما دويلة المسخ إسرائيل فأقصى ما تستطيعه هو ضرب المفاعلات النووية الإيرانية من خلال ضربة جوية, وهي بهذا تكون كمن فتح عش الدبابير على نفسه وعلى دويلات الخليج, ناهيك عن العلاقة التاريخية القديمة والوثيقة بين الفرس واليهود, فمازال اليهود يحفظون المعروف للملك الفارسي كورش الأكبر الذي حررهم من الأسر البابلي العراقي وأعادهم لبلادهم.

مع هذا فإن الحرب في المنطقة قادمة لا محالة ليس لأن أمريكا ترغب بها, ولا لأن إيران شغوفة بها, ولا أيضاً لأن إسرائيل قادرة على خوضها لوحدها؟

بل لأن إيران باتت تُعاني جراء ويلات الحصار الاقتصادي وآخرها كان الحظر النفطي, وبدأنا نسمع مقولات تهديد ووعيد شبيهة بمقولة صدام حسين الشهيرة (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق).

فباتت تلك المقولة تتردد على ألسنة الإيرانيين وكأن التاريخ يعيد نفسه ولكن هذه المرة الأطراف تعددت والمساحات توسعت, بل صرح أحد المسؤولين الإيرانيين اخيراً أن السعودية وعدت وزير النفط الإيراني رستم قاسمي بعدم تعويض النفط الإيراني لكنها حنثت بوعدها وزادت من انتاجها!

ولهذا فإن حرب الخليج الرابعة قادمة لا محالة ليس لأن الأطراف المتخاصمة ترغب بخوض الحرب؟

بل لأن المنطقة أصبحت عبارة عن برميل بارود في داخل حقل ألغام ولا مناص من المواجهة سواء باندلاعها صدفة بسبب خطأ بسيط أو بسبب اليأس والذهاب نحو حافة الهاوية.

فالولايات المُتحدة الأمريكية جلبت حاملات طائرتها العملاقة وبوارجها الحربية إلى منطقة الخليج العربي, وهي تحتفظ الآن بحاملة الطائرات – اينتربرايز –داخل مياه حوض الخليج وكذلك لديها حاملة الطائرات - جون سى ستينيس - في خليج عُمان, ولديها أكثر من غواصة ضخمة وأيضاً هنالك ثمان غواصات صغيرة آلية بدون طاقم مهمتها تفجير الألغام البحرية عن بعد.

وإيران بالمُقابل لديها عدة غواصات روسية قديمة وهي تنصب شبكة صواريخ أرض – بحر متطورة, كما تهدد بزرع مضيق هرمز بملايين الألغام البحرية, وحتى لو كانت تهديدات إيران جوفاء ومجرد ثرثرة وهياط فارغ, فالأيام القادمة تنذر بالمواجهة الحتمية بين البحرية الأمريكية وبين قطعات إيران البحرية, لأن هنالك حالة من الهلع تنتاب جنود البحرية الأمريكية والدليل أنهم أطلقوا ليلة الأمس نيران مدافعهم على زورق صيد إماراتي كان طاقمه من العمالة الهندية, وهي إشارة على قرب اندلاع المواجهة بين الطرفين والأمر لا يحتاج إلا خطأ عارض كما حصل ليلة البارحة مع الزورق الإماراتي.

فكل الدلائل والتداعيات تقول أن هنالك مواجهة قادمة لا محالة خلال الأشهر القادمة, فالأمريكان والإسرائيليون يزعمون أن إيران ستنتج قنبلتها النووية خلال عامين على أكثر تقدير, وهم سبق وقالوا في عام 2006م أن إيران ستتمكن من انتاج قنبلة نووية في عام 2012م, ويبدو أن إيران تعاني من مشاكل تقنية في تصنيع القنبلة النووية.

وإيران يمكن لها تحمل الحصار الاقتصادي لكنها قطعاً لن تتحمل الحظر النفطي على بترولها وغازها, مع أن أمريكا سمحت لـ 7 دول باستيراد النفط الإيراني ربما لتخفف الوطء عن طهران وتحاول أن تنفس عنها الاحتقانات الداخلية, ولكن هل سترضى طهران بخنقها نفطياً وهي ترى ناقلات النفط السعودية العملاقة وهي تمخر عباب مضيق هرمز وتبقى صمتة وهي تتحسر على نفطها؟

أشك في ذلك حتى ولو كانت أعصاب إيران من ثلج, ولهذا ستشهد المنطقة مشاكسات واستفزازات إيرانية غير متوقعة, وربما ستكون شرارة تلك المناورات قابلة لإشعال حرب طاحنة في منطقة الخليج, وكما قال الشريف الرضي :

تَوَقّعُوها فقَدْ شَبّتْ بَوَارِقُهَا *** بعارض كصريم الليل مدجون

أما آل سعود فأقول لهم أربطوا السروايل.

http://www.jazeeratalarab.com

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2012-07-17

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صنائع الإنجليز - بيادق برسي كوكس وهنري مكماهون

نفق لص اليمامة وبقية الديناصورات السعودية تترقب

مسلسل «قيامة ارطغرل» ولادة جديدة للدراما التركية الهادفة