هل كانت المُعارضة ضحية للأزمة السعوإماراتية – القطرية

الحقيقة أنني ترددت كثيراً قبل كتابة هذا المقال بسبب عدم رغبتي في إثارة النقع وإغضاب بعض إخوتنا من المُعارضين لآل سعود سواء كانوا مُخضرمين أو أعضاء جُدد, لأن لكل فرد منهم له أسلوب عمل مُختلف وطريقة ونهج خاص به, ومن الصعب أن تلزمه أو تجعله يستمع إليك أو ينصت لنصيحتك في هكذا مواضيع حساسة يعتبرها البعض "قرارات سيادية" وشأن خاص وشخصي, ولهذا سيكون مقالي استفزازي للبعض وهو أشبه بعملية النَكشْ في عِش الدبابير. ولا بأس فلا بد من المُصارحة أحياناً لكي نتخطى العثرات ونتغلب على الإخفاقات ولعلنا نجد وسيلة للاتفاق والتفاهم على الخطوط العامة.

لكن لا بد أولاً من التعريج قليلاً على المصاعب والمُعرقلات التي تواجه الفئات المُعارضة للنظام السعودي بكافة أطيافها وتوجهاتها, وكل من يجهل تلك الظروف والمُضايقات والعوائق التي ستواجهه حينما سيُقرر مُعارضة آل سعود, فهو قطعاً إما مُغيب أو شخص حالم, والأمر نفسه ينطبق على كثير من الإعلاميين والمُهتمين بالشؤون الدولية, بل وحتى المُتابعين العاديين وخاصة من العرب ممن يظنون أن ظروف المُعارضة "السعودية" تشبه بقية المُعارضات العربية الأُخرى, وربما ظروفهم أحسن بكثير من البقية, فهؤلاء أيضاً يجهلون الواقع الحقيقي لتلك المُعارضة ويتجاهلون الدور السعودي المالي النافذ في العالم وتأثيره على الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا. إذن لا بد من إزالة ذلك الغبش عن عيون البعض لتتضح الصورة لديهم.

أولاً: استطاع النظام السعودي خلال الخمسة عقود الماضية أن يضمن سكوت الدول العظمى من خلال سياسة البترودولار وإبرام عقود المليارية لصفقات الأسلحة الفاسدة ودفع الرشا والكوميشن, وبهذا أصبح ما يُسمى بـ"العالم الحُر" لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم أمام التجاوزات السعودية والمُمارسات غير الإنسانية في حق المواطنين والأجانب داخل المهلكة السعودية.
وبعدها قام النظام السعودي بإسكات وسائل الإعلام الغربية عن طريق دفع الرشاوى واستئجار الإعلانات المدفوعة الثمن لضمان صمت كبريات الصحف والقنوات التلفزيونية الغربية, ثم بدأ بشراء ذمم الإعلاميين والصحفيين الأجانب من خلال دعوتهم لزيارة السعودية وإقامتهم على حساب الدولة, ثم منحهم الشيكات المالية والهدايا القيمة, وبهذا أصبح الإعلام الغربي يدور في فلك النظام السعودي "بخشم الريال" كما يتبجح آل سعود.

ثم استطاع النظام السعودي لاحقاً الاستحواذ على أغلب وسائل الإعلام العربية من خلال التملك والتمويل وشراء الذمم, فأصبحت أغلب وسائل الإعلام العربية المرئية والمقروءة والمسموعة تحت السيطرة السعودية, ولا يمكنها أن تتطرق لأي خبر يمس بآل سعود, وبهذا سيطروا على المنابر الإعلامية ومن ثم حرمان المُعارضين للنظام السعودي من إيصال أصواتهم من خلال الإعلام.

وأبسط مثال على ذلك هو ما حدث لقناة البي بي سي البريطانية العربية التي قامت في منتصف التسعينيات باستضافة المُعارض الدكتور محمد المسعري, فغضب فهد بن عبد العزيز الملك في ذلك الحين, وتم سحب التمويل السعودي من تلك القناة الإخبارية البريطانية فأفلست بعد بضعة أشهر, ثم قامت قطر بشراء تلك القناة المُفلسة مع كادرها الإعلامي, وأقامت على رفات البي بي سي العربية قناة الجزيرة الفضائية عام 1996م.


والأهم من هذا كله أن آل سعود نجحوا خلال الأربعة عقود الأخيرة بتحييد الجاليات العربية والإسلامية في بلاد المهجر لخشيتهم من نشاطات تلك الجاليات كونهم يعيشون في بلدان حُرة وغير مُقيدين, وذلك من خلال إنشاء مراكز وجمعيات وروابط إسلامية كلها تتبع "للمدرسة الوهابية" وتدين بالولاء لآل سعود, وأصبحت مرجعية تلك المساجد والمراكز الإسلامية هي السفارات والقنصليات السعودية التي استخدمت أساليب الدعم المالي وصرف الرواتب وكذلك منح تصريحات الحج والعمرة كأساليب قذرة للابتزاز وشراء الذمم.

كما سخروا أيضاً جماعة الإخوان المُسلمين في الداخل للترويج لهم وكذلك جندوا أتباعهم في المهاجر للدفاع عن جرائم وتجاوزات آل سعود, وبهذا حصنوا أنفسهم داخل المُجتمعات الإسلامية في دول المهجر وجنبوا أنفسهم أي انتقاد أو كشف لأدوارهم الخيانية, فكانت جماعة الإخوان المُسلمين هي بمثابة كلاب الحراسة النابحة في الغرب التي تذود باسم الدين عن النظام السعودي الذي كان يستخدمهم كحصان طروادة في اختراق المجتمعات الإسلامية من خلال المساجد والمراكز الإسلامية.

فكان الإخوان المُسلمون في بلدان المهجر يستميتون بالنفاح عن النظام السعودي (الذي قام بطباعة المصحف ووسع الحرم حسب تبريراتهم الدائمة), وأنا شخصياً قد خضت بعض الجدل البيزنطي مع هؤلاء المُرتزقة ولم أصل معهم إلى نتيجة طوال أعوام 2000 – 2010م, ولكن شاء الله أن يرد كيدهم بنحورهم بعد أن بعصهم آل سعود في مصر حينما وصلوا إلى السلطة ثم جعلوا منهم إرهابيين وشياطين للمُرشد, فانقلب الإخوان على معازيبهم السعوديين وبدؤوا يهاجمون من طبع المصحف ووسع الحرم ولكن بعد فوات الأوان, وحُق لي أشمت بهؤلاء المُرتزقة الذين بصق عليهم آل سعود بعد أن انتهوا منهم.

لقد كان للإخوان المُسلمين دور خبيث وحقير في خدمة السفارات السعودية, وكانت مهمتهم ارتزاقية وضيعة في الذود عن جرائم وتجاوزات النظام السعودي, وكانوا يُعادون ويكرهون كل من يُعارض آل سعود من أجل كسب ود ورضا السفارات السعودية في بلاد المهجر, فتجد في كل مسجد في أوروبا أحد عتاولة الإخونج مُهمته التسبيح بحمد الحكومة السعودية ومنع أي خطبة تمس بآل سعود أو تنتقدهم, وفي كل موسم يستلم الإمام فيز الحج والعمرة على نفقة خائن الحرمين الشريفين, فيقوم بتوزيعها على أفراد العصابة وأحياناً يشتبكون مع بعضهم البعض حينما يتقاسمون تلك الفيز.

وذلك غيض من فيض .. وعليه فلا يُمكن لوم المُعارضين لآل سعود في الغرب إذا ما واجهوا الفشل أو استغرقوا وقتاً طويلاً في كشف ألاعيب النظام ونفاقه الديني, إذ كان من يُعارض آل سعود يمر بحالة دينكوشوتية مُرهقة, فهو أشبه بمن يُحارب طواحين الهواء, وذلك بسبب الدعم الصهيوأمريكي للنظام السعودي والتضييق الغربي, والحصانة والترويج الإعلامي, وآلاف مؤلفة من أصوات المُرتزقة المُنافحين عن آل سعود في دول المهجر وكان على رأسهم تنظيم الإخوان.

ناهيك أنه لا يوجد نظام حاكم لا عربي ولا حتى أجنبي يُغامر ويتورط بدعم المُعارضين لآل سعود, إما خوفاً من أن يقوم آل سعود - أصحاب الرز الوفير- بدعم المُعارضين لنظامه فيتورط, أو خوفاً من خسارة صفقات الأسلحة الفاسدة والعقود التجارية والمشاريع الوهمية, أو خشية من غضب ماما أمريكا حينما تشعر واشنطن بأن هذا النظام (من خلال دعمه للمعارضة) يُهدد أمن النظام السعودي خادم الغرب والمُصدر للبترول لواشنطن وبقية العالم بعملة الدولار الفارغة غير المُدعمة بالذهب.

ذلك النظام السعودي الخدمي الذي يُحافظ على أسعار النفط مُنخفضة في الأسواق العالمية لمصلحة الغرب, ناهيك عن الدعم الصهيوني الخفي سابقاً لآل سعود والذي بات الآن مكشوفاً من خلال تبنيهم لصفقة القرن ومُحاولة إسرائيل الحثيثة الوقوف مع محمد بن سلمان وتخليصه من مأزق فضيحة اغتيال خاشقجي.
وعليه فمن هو ذلك النظام الطوباوي الذي سيُغامر ويُعادي علناً هكذا نظام صهيوني مُقنع خبيث خدمي مدعوم من أمريكا ومسنود من الصهيونية والغرب؟

والأدهى والأمر أن المواطن "السعودي" المغلوب على أمره أصبح نموذجاً للإرهابي المفترض, فصُور على أنه مشروع انتحاري مُدمر جاهز للتفجير في أي وقت بعد أحداث 11 سبتمبر, وهذا التشويه المُتعمد والتنميط لم يأتِ من قِبل أعداء الإسلام أو الخصوم الناقمين كما يُظن لأول وهلة, بل إن ابن سعود هو نفسه من صور ذلك المواطن المسعوّد للأجهزة المخابراتية الغربية بصورة الإرهابي المتوحش لكي يثير هلعهم ويضمن صمتهم, فيجعلهم يتجاهلون كوارثه ويغضون الطرف عن جرائمه بحق المُعتقلين من رجال ونساء, وذلك بالقول لهم: أنتم لا تعرفون المواطنين في السعودية مثلي, فهؤلاء وحوش ضارية ومُجرمين بالفطرة, ولولا حزمي وبطشي وسيفي الأملح الذي يبتر رقابهم في الصفاة لفجروا كل أبراجكم وناطحات سحابكم ولقتلوا مواطنيكم في الشوارع, وكان يرسخ تلك الصورة النمطية من خلال عرض المسرحيات الإرهابية الهزلية التي يروجها داخل السعودية التي كان يخرجها السفاح نايف وولده المدمن محمد.

وبهذا نجح ابن سعود في شيطنة المواطن "السعودي" الغافل في العالم الغربي, وجعل من كل "سعودي" عبارة عن مشروع إرهابي مفترض يمكن أن يتحول لقنبلة موقوتة بأي لحظة ما لم يكن تحت رقابة وقبضة ابن سعود, وهذا قطعاً أثر كثيراً على مصير طالبي اللجوء في الغرب ممن يحملون الجنسية السعودية ويسعون للإقامة في الخارج, لأنهم أصبحوا مثار شبهة لدى الأجهزة الأمنية الغربية بسبب تلك الصورة النمطية التي رسخها آل سعود وأجهزتهم الأمنية عن ذلك الزومبي "المسعوّد" الذي سيفتك بالمواطنين في أوروبا وأمريكا.

لهذا فاللاجئ السعودي المُعارض كان يواجه مصاعب جمة ويتعرض لتحقيق وتدقيق مُكثف من قبل الأجهزة الأمنية الغربية, وكان يتأخر البت في طلب اللجوء الخاص به, هذا إن لم يتم رفضه خلال أسابيع معدودة. وكان يُعاني ويُذوق الأمرين حتى يحصل على الإقامة وحق اللجوء في الغرب, وحينما يحوز على صفة اللاجئ السياسي, سوف يتعرض للعداء والكراهية أولاً: من قبل العرب الناقمين على آل سعود كونه مسعوّد رغماً عنه, فحينها سوف يُعرّف من خلال هويته العامة كمواطن سعودي وبهذا يُثير نقمة الكارهين لآل سعود.

وثانياً: سوف يُعاني من انتهازية مُرتزقة وأذناب آل سعود في دول المهجر, وأغلب هؤلاء المُرتزقة هم من العرب الانتهازيين الذين يحاولون التقرب لسفارات آل سعود وكسب ريالاتهم من خلال التلصص والإيقاع بهذا المُعارض الثمين على عكس بقية اللاجئين العرب فلن تجد مُرتزق يتتبع خطاهم كما يفعل صائدو المكافآت. ناهيك عن الأخطار التي تتهدد المُعارض لآل سعود يومياً حذراً من عمليات الاغتيال أو التقطيع بالمناشير.

والحقيقة أن المغدور جمال خاشقجي بعد موته أصبح صاحب فضل كبير بعد على الله على المسعوّدين بجنسية ابن سعود, إذ فتح لهم أبواب اللجوء على مصراعيها بعد أن كانت موصدة بوجه المسعوّدين مُحاباةً للنظام السعودي, فكان جثمان جمال المُقطع هو القربان الذي سهل لهم أمر الحصول على الإقامة الدائمة في دول الغرب بعد حادثة المنشار الفظيعة في قنصلية آل سعود في اسطنبول, وقد أصبح المواطن "السعودي" لأول مرة بحياته يجد من يتعاطف معه ويأخذ قضيته في دوائر الهجر الغربية على محمل الجد, ويُسرع بمنحه الإقامة الدائمة وحق اللجوء. كل هذا حدث ببركات خاشقجي رحمه الله.

لهذا لا تحسدوا المُعارض "السعودي" المقرود على وضعه, ولا تظنوا أنه شخص مُرفه ويعيش في بحبوحة, فهو يُعاني العوز والكفاف ويواجه التضييق وغمط الحقوق لأن خصمه الدكتاتور السعودي يملك المال والبترول والإعلام والدعم الصهيوأمريكي والمُرتزقة.

ولكن للتاريخ فقد كان للمُعارضين لآل سعود دور كبير وأسبقية في فضح النظام السعودي وتعريته أمام الجمهور العربي والإسلامي رغم الصعوبات التي واجهوها ورغم المُضايقات التي تعرض لها أغلب المُعارضين, لكنهم صبروا وصابروا وصمدوا وواصلوا نضالهم وهذا يحسب لهم, بل شاءت الأقدار أن يلتفت العالم أجمعه لدموية آل سعود من خلال مواطن سعودي ضحية تم تقطيع أوصاله بالمنشار, كان من أكثر الناس دفاعاً ونفاحاً عن النظام السعودي, وهو جمال خاشقجي. وتلك كانت من المُفارقات والعِبر.


ورغم انفضاح النظام السعودي وتقاطر العشرات من المواطنين الهاربين من البطش السعودي لينضموا إلى ركب المُعارضة, إلا أن حال المُعارضة بصورة عامة لا يُسر وهم كحال أي مُعارضة عربية مُشتتة ومُنقسمة على بعضها البعض وتفتقد للتفاهم والتنسيق وحتى الدعم, كما أن لمُعارضي النظام السعودي السابقين واللاحقين أخطاء وهفوات, وواجهتهم بعض الاخفاقات وخاصة في الأزمة الخليجية الأخيرة, وهذا أمر طبيعي.

أما بالنسبة للأزمة السعوإماراتية – القطرية الأخيرة فقد أضرت بشعوب المنطقة من ناحية قطع صلة الرحم وخلق التنافر بين الأُسر المُتصاهرة, فخلقت العداوات بين المواطنين العاديين أكثر مما أضرت بالأنظمة السياسية الحاكمة المتماحكة في تلك الأزمة, بل وصلت مضارها وتداعياتها حتى على المُعارضين لتلك الأنظمة في كلا البلدان الخليجية المشتركة في هذا التصارع الأُسري, وهذا ما سأوضحه في هذا المقال.

وأنا شخصياً أُصنف الخلاف السعوإماراتي - القطري الأخير بـ"الأزمة" وليس الصراع أو نزاع عسكري كما هو مُتعارف عليه, ولي أسبابي وقناعتي في تفسير هذا الأمر, لأن طبيعة الصراع والنزاع العسكري بين الدول يكون عادةً عدائياً حازماً وحاسماً ولا مجال فيه لليونة أو التحاور والبحث عن مخرج.

بينما يظهر جلياً في خطاب الطرفين المُتضادين أي الطرف السعوإماراتي وكذلك الطرف القطري هم في حالات مد وجزر, وترتفع النبرة الإعلامية حسب الحوادث والتصريحات العدائية المُتبادلة بين الطرفين, والحقيقة أن ما يحصل هو مُجرد أحقاد قديمة وتحاسد يصل أحياناً لمرحلة الوتر والعُقد, لهذا هو مُجرد تماحك إعلامي وسياسي وإن كانت نية الطرف السعوإماراتي تبدو جادة في الإيذاء على عكس الطرف القطري الذي يُحاول أن يبدو لطيفاً مُتفاهماً قابلاً للحوار وليس لديه نية للانتقام أو الإيذاء الحقيقي للخصم.

ولهذا هي أزمة سياسية يشتعل أوراها ويخبو حسب التحركات السياسية والتحشيد الإعلامي ولكنها لم تصل بين الطرفين إلى حالة الحرب أو النزاع العسكري المسلح, وإن هَدد وتوعد النظام السعودي وكذلك الإماراتي بغزو قطر وأعلنا عن نيتهما تغيير نظام "الحمدين" كما يسميانه, لكنهُ مجرد هياط إعلامي واستعراض فارغ أشبه بمُمارسة ألعاب البلاي ستيشن وثقافة الشيلات, والدليل هي تلك العربدة السعودية حول نية محمد بن سلمان شق قناة بحرية تفصل قطر عن مُحيطها وتحولها إلى جزيرة معزولة, وأنهم استأجروا أضخم "حفار" في العالم لشق "قناة سلوى", واتضح لاحقاً أنها مُجرد "خثرقة سعودية" وسكرة من سكرات الصبي الأرعن.

ولهذا أقول أن تلك الأزمة وإن طال أمدها وظهر أثرها السيئ بأن جعلت الشعوب في حالة عداء وتشاتم يومي بسبب تلك الأنظمة المُتماحكة, فدفعوا الثمن غالياً في منعهم في التواصل والزيارات وحُرم بعضهم من أداء مناسك الحج والعمرة وضيقوا عليهم معيشتهم, إلا أن تلك الأنظمة لا يوجد لديها مبادئ أو قيم ثابتة, وهي تتعامل مع شعوبها بمبدأ أوضع بكثير من غاية ووسيلة ميكافيلي, فهي مُستعدة من الغد أن تفتح صفحة جديدة مع خصومها وتعود العلاقات طبيعية ويستقبل أحدهم الآخر بالأحضان والقُبلات وتقديم وصلات راقصة من خلال عرضة السيوف.
إذن شعوب المنطقة هي الضحية بكافة أطيافها وخاصة الأُسر المُختلطة بين تلك الدول المُتنافرة, ناهيك عن الثمن الباهظ الذي دفعه المواطنون المُقيمون في تلك البلدان من الموظفين والطلاب الذين يدرسون في غير بلدانهم. وأعنى هنا مثلاً الموظفين السعوديين في قطر الذين طُلب منهم مُغادرة قطر بعد اندلاع الأزمة دون أي مُبرر, ففقدوا وظائفهم الثابتة وخسروا مشاريعهم التجارية ولم يعوضهم النظام السعودي, وكذلك الطلاب القطريين الذين يدرسون في السعودية والإمارات وتم فصلهم من الجامعات أو مضايقتهم.

لكن هناك فئة أخرى وقعت ضحية لتلك الأزمة وإن كان قد تم ذلك الأمر برغبتها في مُحاولة لاستغلال تلك الأزمة لمصالحها السياسية والمادية, وأعني هنا المُعارضين لتلك الأنظمة من كلا الطرفين, وكيف تم استقطاب بعضهم نكاية بالطرف الآخر, وكيف تم التضييق على بعضهم والتخلي عن البعض الآخر لاحقاً, فتحولوا لبيادق دون أن يشعروا بذلك, وإن كنت لا أرى بأساً في الاستفادة من تصادم تلك الأنظمة في حال أن تكون الجهة المُعارضة ذكية ومُستقلة في قرارها فتستفيد من تلك الظروف الطارئة وأن لا يتم استغلالها سياسياً فتحترق وتكون رماداً لتلك الأزمة.
ويجب التنويه هنا لأمر مهم جداً, وهو أن النظام السعودي تحديداً ومعه النظام الإماراتي كانا أكثر جراءة ووضوحاً في الكشف عن نيتهما الصريحة بالإضرار بنظام آل ثاني أو على الأقل مُحاولة النيل ممن يُسميانه إعلامياً بـ"نظام الحمدين", وخدمهم في ذلك كثرة الناقمين من أسرة آل ثاني على حكم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وولده تميم, وهؤلاء يعادلون جُل المعارضة القطرية القليلة العدد أصلاً.

أيضاً استطاع آل سعود تجنيد بعض رؤساء وشيوخ القبائل المشتركين في من السعودية وقطر, مثل شيخ شمل الهواجر من قحطان شافي بن ناصر بن حمود آل شافي وكذلك شمل قبيلة آل مرة طالب بن لاهوم بن شريم, الذي عاد لاحقاً للدوحة نادماً ولمن تقبل توبته فعاد أدراجه.
ولهذا استفاد آل سعود إعلامياً من خلال استغلال هؤلاء "الشيوخ الثواني" المُتمردين ناهيك عن استفادتهم من فخذ الغفران من آل مرة, الذين تم ابعادهم من قطر بعد مُحاولة الانقلاب الفاشلة عام 1996م.

لهذا كان النظام السعودي دائماً هو المُبادر والأكثر صلافة في توجيه الإهانات والتهديد باستخدام القوة والبطش بالنظام القطري, بينما الأخير كان في وضع الدفاع والصد فقط, وربما صغر حجم قطر وعدم مقدرتها على مواجهة السعودية جعلها تبدو ضعيفة أمام العربدة السعودية, وإن لم تؤتي تلك العربدة أُكلها بعد لكنها كانت صريحة غير مُبيتة وجاهزة للانقضاض في أي وقت.


على عكس الموقف القطري الذي كان يحاول امتصاص غضب خصومه ويسعى للتصالح معهم, ولم يتحرك بصورة جدية للإضرار بهم كما فعلوا هم بالعلن, بل إن النظام القطري لم يستفد حتى من المُعارضين للنظام السعودي في الخارج وكان يحاول أن يتعامل معهم من خلال القفاز لكي لا تظهر بصماته فيغضب منه آل سعود, فلو تعامل آل ثاني على مبدأ البراغماتية السياسية والمُعاملة بالمثل على سبيل مع "خالد بن فرحان آل سعود" المُقيم في ألمانيا, كما تعامل آل سعود مع عبد الله بن علي آل ثاني وسلطان بن سحيم آل ثاني وغيرهم. لشكلوا ردعاً لآل سعود وجعلوهم يفكرون ألف مرة قبل أن يخوضوا في هذا المضمار.


حتى نواف بن طلال الرشيد سليل أُسرة آل رشيد أمراء حائل لم يستفد منه النظام القطري سياسياً ولا حتى إعلامياً ولو باعتباره مواطن قطري, على الأقل كرد سياسي بالمثل على تبني آل سعود لإمارة سلطان بن سحيم الذي صدره آل سعود لوسائل الإعلام كبديل لـ"نظام الحمدين", بل لم يوفروا له الحماية الكافية أو يحذروه من الخطر الذي يتهدده وهم دولة ولديهم جهاز مخابرات وأمن كبقية الدول, وسكتوا عن عملية تسليمه من قبل الكويت حفاظاً على عدم اغضاب الحكومة الكويتية التي فهموا أنها وقفت بشكل حيادي في تلك الأزمة.

بل كان النظام القطري يتبرأ حتى ممن يدافع عنه ويتحمل الأذى في سبيل النفاح عن وجهة النظر القطرية, كما حصل مع الإعلامي الكويتي عبد الله محمد الصالح, وكيف تم الطلب منه مُغادرة البلاد أو يتم تسليمه للكويت لمواجهة دعاوى قضائية كيدية بسبب مواقفه الداعمة لقطر.
ثم الموقف الأخير الذي بينه المعارض علي السليماني, وكيف تم احتجازه في مطار الدوحة رغم إعلانه مُعارضته الصريحة للنظام السعودي وطلبه اللجوء, فطلب منه مُغادرة البلاد, ثم اختياره لتركيا كبلد بديل عن البقاء في قطر وكيف تحول لمُعارض عالق في تركيا.

ولو حسبتها من ناحية سياسية براغماتية بحتة فقد كان بإمكان القطريين أن يستغلوا وجود علي السليماني في قطر كون شقيقته تحمل الجنسية القطرية, وبهذا يكون ضيفاً دائماً على قناة الجزيرة كصوت سعودي شاب معارض يستأنس برأيه الجمهور العربي, لكنهم آثروا طرده من الدوحة خوفاً من الغضب السعودي الذي لم يترك وسيلة إلا واستخدمها في إيذائهم, وربما لأن السليماني لا ينتمي لجماعة السروريين وحزب الإخوان المُسلمين وكان يغرد خارج سربهم.

ولن أجتر لكم حادثة تسليم قطر للمُعارض محمد العتيبي إلى النظام السعودي, والذي برروه بأنهم كانوا ملزمين بتنفيذ بنود المُعاهدة الأمنية الموقعة مع السعودية لتسليم المطلوبين, وظنوا أنهم بتسليم العتيبي سوف يمتصون الغضب السعودي, فذهب الرجل ضحية لحسابات سياسية بائسة.
ولهذا بعد تلك الحوادث المؤلمة استغرب ممن سيذهب إلى قطر ويطلب اللجو السياسي, إذ لا مجال للمخاطرة وتعريض النفس للمخاطر, ثم تحميل الآخرين المسؤولية.

فإذا كنت في عز أزمتك "كنظام حاكم" وفي أوج رفضك الانصياع للشروط السعوإماراتية مازلت تخشى من أن تمنح حق اللجوء لمعارض سعودي, ومازلت تحسب حساب لغضب فلان وعلان عليك في أمر سيادي خاص بدولتك, فكيف تستطيع غداً لو تصالحت مع تلك الأنظمة الباغية أن تملك قرارك السيادي وتمنح أي شخص الجنسية القطرية, أو ترفض تسليم أي مطلوب لسبب سياسي مُقيم لاجئ أو مقيم في بلدك؟

كان على النظام في قطر أن يختبر سيادته وعزيمته في هذا الوقت تحديداً, وأن يُثبت لضرائره أنه بلد مُستقل وحُر, ولا يرضخ لإملاءات أحد ولا يحسب حساب لأي متطفل من الأنظمة المُجاورة.
لكن النظام في قطر مازال مُكبلاً بما يُسمى أنظمة وبنود مجلس التعاون الخليجي, ويعترف بالاتفاقية الأمنية في تسليم المطلوبين, والتي صيغت أصلاً لتسليم المُعارضين السياسيين, ولا يُريد أن يخرج من هذا التأطير والتكبيل السياسي والأمني الذي ينتقص من سيادة البلد, لهذا هو مازال يتصرف كنظام تابع لمنظومة خليجية أمنية كما الحال قبل الأزمة.

فلو أرادت قطر أن تدعم المُعارضين لآل سعود كما يفعل النظام السعودي الآن مع المُعارضين القطريين لجعلت سلمان بن عبد العزيز وولده الأرعن في حيص بيص لا يغمضون أعينهم ولا يستطيعون النوم ليلاً, لكنهم في الحقيقة لا يريدون استفزاز آل سعود, ويحاولون فقط إثارتهم إعلامياً عبر قناة الجزيرة, والاتصال ببعض المُعارضين في لندن لبضعة دقائق لرفع وتيرة الضغط الإعلامي وكفى, تلك هي حدود مُماحكتهم.

فبدلاً من استضافة الدكتور محمد المسعري على استحياء على قناة الجزيرة مُباشر, كان يمكن لحكومة قطر أن تمول قناة فضائية خاصة بحزب المسعري في لندن وتبقى هي تتفرج من بعيد كما فعلت حينما دعمت قنوات الإخوان المسلمين, خصوصاً وأن المسعري يستحق بجدارة قناة خاصة به لأنه صاحب فضل على قناة الجزيرة التي بسببه ولدت كقناة إخبارية بديلة بعد أن تم إغلاق قناة بي بي سي العربية.

وكذلك الأمر مع غانم الدوسري الذي أزعج آل سعود بحلقاته الساخرة على موقع اليوتيوب, وبعد كل حلقة من حلقاته يقوم موقع اليوتيوب بغلق قناته المجانية نتيجة الشكاوى السعودية الهستيرية, فكان بإمكان قطر أيضاً أن تمول قناة فضائية لغانم الدوسري دون أن تظهر هي بالصورة, وبهذا تضرب عصفورين بحجر واحد, أولاً: تقتص من آل سعود وتردعهم وهم يدعمون كل أطياف المعارضة القطرية. وثانياً: تدعم المُعارضين لآل سعود وتقويهم وتكسب ثقتهم بعد أن وقفت قناة الجزيرة مع النظام السعودي لعقد كامل بعد المُصالحة السعودية - القطرية.

قد يقول قائل بلسان النظام القطري: وما هي مصلحة دولة قطر في دعم المُعارضين لآل سعود؟ فهي ليست مُلزمة بدعمهم ولن تتحمل ضريبة سياسية جراء ذلك الدعم المؤذي للنظام, ولهذا هي تنأى بنفسها عن دعم المُعارضين.
وهذا كلام منطقي ومقبول لو طرح بصراحة, لأنهُ سيُزيل الالتباس ويضع النقاط على الحروف, وهو ينطبق أيضاً على الجانب الآخر وهم المُعارضين, فقط يتم قلب التساؤل من (ما هي مصلحة قطر ...) إلى (ما هي مصلحة المُعارضة ...الخ).

وبالمُناسبة فبعد مرور حوالي 7 أشهر من الأزمة السعوإماراتية – القطرية, أبلغني مصدر موثوق بأنهُ قد صدر أمر لقناة الجزيرة بكسر الحظر الإعلامي على المُعارضين "السعوديين", وقريباً جداً سوف تسعى الجزيرة لاستضافتهم على منبرها بعد فترة مُقاطعة استمرت لعدة سنوات, تخللها في السنوات الأخيرة تطبيل وتزمير مُقرف للنظام السعودي عبر قناة الجزيرة دون حياء أو خجل, أو حتى استضافة للرأي المعارض للنظام السعودي.

فقمت بالتواصل بجُل الإخوة المُعارضين في الخارج (كل اسم يطرأ ببالكم قد تواصلت معه), وأبلغتهم بهذا الخبر, وترجيتهم رجاء حار عدم الظهور على قناة الجزيرة على الأقل في هذا الوقت الحالي المُرتبك, ليس مُناصرةً للطغاة آل سعود أو تعالياً أو رفضاً للظهور دون مسوغ بل احتراماً للذات, فلا يجوز أن تكون المُعارضة مُقاطعة من قبل قناة الجزيرة ومنبوذة لسنوات, ومتى ما وقعت الجزيرة في ضيق سارعوا زرافات للظهور على شاشتها, فتصبح "مُعارضة اطلب تسمع", وحاججني بعض هؤلاء الإخوة أنهم بحاجة ماسة لمنبر إعلامي مُشاهد ومسموع وهي فرصة لإيصال صوتهم وآرائهم عبر الجزيرة.

وذكرتهم بأن البراعة السياسية والبراغماتية وإن كانت مطلوبة في العمل السياسي ولكن احترام الذات أيضاً مطلوب, فأنتم مُهملون ومركونون على الرف منذ أكثر من عقد, فلم تتذكركم قناة الجزيرة إلا الآن؟
على الأقل لقنوها درساً في المبادئ والأخلاق لتُدرك أن من تجاهلتهم طوال تلك السنين لن تحصل على ظهورهم السريع على شاشتها إلا بعد أن تعي غلطتها وتفهم أصول العمل الإعلامي الحُر والمُستقل.

وحينها ذكر لي أغلب الإخوة وليس كلهم أنهم أصلاً لن يظهروا على قناة الجزيرة لأنهم قاطعوها منذ زمن ويدركون مراميها وأجندتها, ثم سرعان ما ظهر أغلبهم على الجزيرة باستثناء شخصين أو ثلاثة فقط.
إذن المشكلة هي ليست في تردد القطريين وعدم رغبتهم بالاعتراف في المعارضة المناهضة لآل سعود, أو في ازدواجية وعجرفة الجزيرة ورفضها استقبالهم سابقاً على منبرها, بل المشكلة في بعض المُعارضين الذين لا يستطيعون الابتعاد عن الأضواء, والذين تقاطروا زرافات على قناة الجزيرة دون أي اعتذار منها أو حتى تعهد بعدم العودة للتجاهل مُستقبلاً بعد أن تتصالح الأنظمة.

ولهذا كان المُعارضين من كلا الجانبين ضحايا لتلك الأزمة الطارئة حينما انساقوا دون تعهدات أو اعتراف رسمي بهم, بل أن المُعارضة القطرية كانت أكثر استفادة من نظيرتها "السعودية", حيث خرج كبار آل سعود وهم يثنون ويعترفون بالمُعارضة القطرية ويعدونهم بالوثوب قريباً على نظام الحمدين, وكانوا جلساء على يمين سلمان وولده ومُقدمين على بقية الضيوف في قصورهم ومهرجاناتهم.


بينما بالمقابل كان المُعارضين "السعوديين" أشبه بالجهة المنبوذة أو الطرف المشبوه الذي يخشى آل ثاني من دعمهم أو الظهور معه, حيث يتعامل معهم النظام القطري من وراء قفازات وقت الحاجة وعبر قناة الجزيرة.
والسبب في ذلك هو عدم اتفاق المُعارضة على مبدأ احترام الذات والمُقاطعة والامتناع عن الظهور الإعلامي بعد ذلك التهميش والنبذ الطويل إلا وفق عهود ووعود جديدة من حكومة قطر بالاعتراف بهم أو على الأقل مُعاملتهم كما يُعامل النظام السعودي المُعارضين للنظام القطري, وكذلك اندفاع بعض المُعارضين على الظهور في قناة الجزيرة ثم يتلقى بعضهم اللكمات من بعض مُذيعيها الناقمين على كل من يُعارض الأنظمة ولا يتبع نهج وفكر الإخوان.

وليت هؤلاء المُذيعين المُتنمرين في قناة الجزيرة يواجهون أبواق آل سعود الذين صنعتهم الجزيرة ومنحتهم جوازات مرور عبر القنوات السعودية كما يواجهون المعارضين للنظام السعودي بذريعة الحياد والمهنية, أمثال رامي الخليفة وأنور مالك وجيري ماهر وعماد الدين الجبوري وصباح الخزاعي, الذين أدخلتهم قناة الجزيرة في كل البيوت العربية وبعد أن نالوا شهرتهم وحققوا مآربهم ركلوها وتحولوا إلى القنوات السعودية.

إذن لو كان حكام قطر جادين فعلاً ومُقتنعين بعمل المُعارضين "السعوديين" أو لنقل أنهم ينوون فعلاً رد تلك الاعتداءات الإعلامية السعودية الشرسة ضد بلدهم قطر, لفتحوا قناة أو قناتين فضائيتين للمعارضين لآل سعود كما فعلوا مع المُعارضة المصرية وفتحوا عشرات القنوات الفضائية للإخوان المسلمين في تركيا ولندن.

لكنهم لا يُريدون إثارة غضب آل سعود لدرجة أنهم يدعمون المُعارضين لنظامهم كما يفعل آل سعود مع المُعارضين القطريين, لا قطعاً .. إنما هم يريدون مُماحكة ناعمة واستفزاز إعلامي عابر فقط, وبنفس الوقت إرسال رسائل مشفرة تقول: أننا نستضيف المُعارضين لكم على قناة الجزيرة, فلا تدفعونا إلى أن نزيد الكيل.

وربما لاحظ أولئك الذين كانت الجزيرة تستضيفيهم بشكل دائم على منبر الجزيرة أبان أزمة خاشقجي, كيف تراجعت تلك التغطية المحمومة بعد أن قرر الأتراك وضع ملف خاشقجي في الثلاجة, وأصبحوا لا يظهرون إلا لماماً في اتصالات سريعة وعلى قناة - الجزيرة مُباشر -.

لهذا أنا شخصياً أعتبر أن جُزءاً كبيراً من المُعارضين للنظام السعودي كانوا هم أيضاً ضحاياً لتلك الأزمة الخليجية المُفاجئة, حيث لم تتم مُعاملتهم كأنداد حقيقيين لآل سعود كما فعل آل سعود مع المُعارضين القطريين, ربما تنقص بعضهم الخبرة اللازمة بالتعامل مع هكذا حالات, وربما كان البعض الآخر يسعى بحُسن نية للوصول إلى الجمهور العربي, وبعضهم قد تربطه علاقات وثيقة مع القائمين على قناة الجزيرة, لكن بعد تلك التجربة الأخيرة لهم ستنتفي مسـألة حُسن النية.

وإذا ما استثنينا الحالة الخيرة لـ علي السليماني الذي ذهب لزيارة شقيقته القطرية فلا مجال بعد الآن للبحث عن عذر لمن يشد رحاله إلى قطر كمُعارض طالباً اللجوء بعد كل تلك المآسي, ومعرفته بأن حكومة قطر سوف تقوم بطرده في نهاية المطاف, إلا إذا كان يبحث عن الأكشن والإثارة أو يريد أن يسلك أسهل الطرق للوصول إلى مُبتغاه.

ولا مجال بعد الآن أيضاً للظهور المجاني على قناة الجزيرة التي لا تتذكر هؤلاء المُعارضين للنظام السعودي, إلا حينما يضيق الخناق على رعاتها أو على الإخونج, أو حينما يجد أردوغان مصلحة ما من إثارة موضوع خاشقجي وسحبه من على الرف.
اللهم إني بلغت فأشهد



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صنائع الإنجليز - بيادق برسي كوكس وهنري مكماهون

نفق لص اليمامة وبقية الديناصورات السعودية تترقب

مسلسل «قيامة ارطغرل» ولادة جديدة للدراما التركية الهادفة