خصوم قطر حسموا أمرهم إما استلام وركوع تام أو لا سلام ولا كلام

بعد كلمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس اتضح أنهُ المُحرك الرئيس لتلك الأزمة وزال الغموض الذي اعترى الجميع خلال الأيام الفائتة, وشخصياً كغيري استغربت تلك الجراءة السعودية - الإماراتية - البحرينية على اتخاذ هكذا قرار خطير دون الرجوع لأمريكا أو مُشاورة البيت الأبيض, لأن ترامب خدعنا بمصافحته الإعلامية مع تميم في الرياض؛ وبالمقابل تميم لم يفصح عما دار بينهما فأصابت الجميع الدهشة لهذا الانقلاب الخليجي المفاجئ وتلك الجرأة السعودية !!

بالرغم من أنني واثق تماماً بأن دجاجات الخليج لا يُمكن لها تكاكي إلا بأمر الديك الأمريكي, لكن قلت ربما استغل آل سعود فرصة الأزمة الأمريكية الداخلية ودفعهم للجزية إلى سيدهم ترامب فانتهزوا الفرصة وسارعوا بالغدر والايقاع بتميم مؤملين على صمت ترامب خاصة بعد أن منحوه المليارات وبهذا يكون شعارهم (اطعم الفم تستحي العين).

إلا أن ترامب بالأمس قد حسم ذلك الجدل وباح بالمكنون؛ وظهوره وتصريحه العدائي ضد قطر على ما أظن أنه جاء ليؤكد التهمة الموجهة لتميم خاصة بعد أن فشل وكلاؤه في المنطقة في تسويق فريتهم الإعلامية, فأراد أن يظهر هو في الصورة ويبعث برسالة تهديد ووعيد واضحة مفادها أن على تميم أن ينصاع وينفذ الشروط المفروضة عليه؛ وأن حِلف الرعيان هذا كان بأمر منه وليس باجتهادات شخصية منهم, وكي لا يؤمل تميم على الدعم الأمريكي ويعيش في حلم وردي لا وجود له على أرض الواقع.

وترامب يعلم أن حلف الرعيان الخليجي لن يستقطب أي دولة كبيرة أو ذات وزن والدليل هو التأييد الخجول من دويلات الخشاش كالمالديف وموشيوس وضيعة رنوش الأردنية؛ لكن في حال خرج رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وأعلن فرض عقوبات أمريكية على قطر في حال عدم انصياعها ستتقاطر خلفه كثير من الدول الأوروبية كبريطانيا وفرنسا وهولندا والدانمرك وبولندة و... الخ, ربما باستثناء ألمانيا المتحفظة أصلاً على وجود ترامب على سدة الرئاسة الأمريكية.
ما أعنيه حينما فشل الأزلام خرج سيدهم يلوح بالعصا الأمريكية الغليظة وهو وضع قطر في موقف حرج جداً, خاصة وأنها كانت تعول على عدم الرضا الأمريكي عما حصل ويحصل ولكن خرج المعزب أبو ايفانكا وهو يُعربد أصاب القطريين بالذهول والصدمة أيضاً.

ولهذا حينما ذكرت في مقالي السابق أن الدبلوماسية القطرية أُصيبت بشلل تام منذ أن غادرها حمد بن جاسم, ليس مدحاً لأن ابن جاسم يمتلك قدرات خارقة ولم أكن أعني التقليل من شأن وزير الخارجية الحالي - محمد بن عبد الرحمن آل ثاني -  بل لأن هناك شخصيات تحسن الكيد ولديها موهبة وفن في التعامل مع الخبثاء ولدينا مثل في المغيرة بن شعبة الذي كان أشبه بناصب الفخاخ.
ولا ننس أن هناك علاقات شخصية ودبلوماسية كبيرة تم تكوينها خلال فترة حمد بن جاسم وهناك تراكم خبرات ومعلومات أيضاً, كما أن الخمول والعجز الذي أصاب الوزارة لم يحدث الآن بل منذ أن تولى خالد العطية الوزارة وفسح المجال لسعود فيصل أن يُقرر بالنيابة عن دولة قطر وهو مُجرد خوي مرافق له, وبعدها جاء عادل الجبير فأصبح محمد بن عبد الرحمن ساعي بريد لديه.
ثم بالله كيف ستنجح قطر أو قناتها الموجهة الجزيرة بالتنديد في قضية الحصار الاقتصادي السعودي المفروض عليها في حال استمراره, وهي لم تنبس ببنت شفة وتدين الحصار السعودي الظالم على الشعب اليمني المغلوب على أمره ؟

بل كيف للمرء أن يُدافع أو يتعاطف مع نظام تميم وهو قد كسر الاعتبارات الإنسانية ومبادئ الشرف وسلم ناشط حقوقي "سعودي" - محمد العتيبي - إلى نظام آل سعود القمعي بكل برود وصفاقة ولم يراع ذمة ولا خوف لا من الله ولا ومن البشر ثم يسمي دولته بـ"كعبة المضيوم"!
ثم بالله عليكم كيف ستُقنع حكومة قطر الآن الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان في العالم بأن خصومها - النظام السعودي والنظام الإماراتي ومعهم النظام البحرين يخرقون القوانين الدولية ويتجاوزون على حقوق الإنسان بحق المواطنين القطريين, والمندوب القطري في منظمة حقوق الإنسان قبل أشهر قليلة انبرى بنفسه في الدفاع عن النظام السعودي؛ وبدأ يُكذب ويُفند تقارير المنظمات الحقوقية عن تجاوزات النظام السعودي بحق المواطنين في بلاد الحرمين والتعديات على المساجين !؟
هل هذه سياسة قطرية رشيدة أم تياسة وحماقة قطرية بامتياز ؟
أعرف أعرف .. سيأتي بعض الأبواق وسيُبررون بأن هذه هي أخلاق الحكومة القطرية وتلك هي شمائل آل ثاني وهم لا يردون الإساءة بمثلها و... الخ؛ وأقول لهم كذبتم وأفكتم فلم تكن السياسية القطرية يوماً من الأيام جمعية خيرية أو الأم تريزا الحانية, ورئاسة حمد بن جاسم لوزارة الخارجية لعقود طويلة تفند بذلك.

ثم نأتي على قانون "جاستا" الذي اتهم السعودية بالإرهاب وسمح لأسر ضحايا 11 سبتمبر بمُقاضاة النظام السعودي طلباً للتعويضات, وكيف انبرى أيضاً وزير خارجية قطر للدفاع عن النظام السعودي, علماً أن حلفائهم المقربين ورفاق التآمر سواء كان آل نهيان أو نظام السيسي تجاهلوا الأمر لكي لا يُعرّضوا مصلحتهم للخطر من أجل هذا القانون الأمريكي الابتزازي, والآن ها قد تم اتهام قطر بدعم وتمويل الإرهاب بتحريض وتأليب سعودي صريح.
فالآن حتى لو تجرأ آل ثاني وقرروا مُعاملة آل سعود بالمثل رداً لكيدهم واتهموهم بنفس التهمة؛ سيقول لهم الأمريكان أنتم قوم موتورين فقط وتحاولون رمي بلائكم على جيرانكم, والدليل ها هو وزير خارجيتكم قد استمات في الدفاع عن النظام السعودي قبل أشهر معدودة وموقفكم كان ضد قانون جاستا فما الذي تغير الآن وبدأتم تتهمون حبيب الأمس!؟
لقد استفاد آل سعود كثيراً من عهد تميم واستغلوا وزارة خارجيته أبشع استغلال في تمرير كثير من القرارات في الأمم المتحدة وفي واشنطن, وتحول وزير الخارجية القطري إلى سكرتير أو محام بالمجان يترافع عن فظائع وجرائم آل سعود, بعد أن تم سعودة وزارة الخارجية القطرية وإبطال مفعولها وبعد أن نوّموها ثم ضربوا ضربتهم القاضية, فجاء الآن تميم يُريد إيقاظ وزارته الغافية فإذا هي خائرة منزوعة المخالب وفارغة المحتوى ولا تستطيع فعل شيء لأن مكانها كان شاغراً لفترة طويلة, والطبخات كانت تمرر بينما السفير القطري في واشنطن في سبات عميق.
هل عرفتم الآن ما أعنيه حينما أن أقول أن تميم بسبب اندفاعه غير المحسوب نحو آل سعود وقلة خبرته حول وزارة الخارجية القطرية العتيدة التي كانت تحرك البيت الأبيض وقصر الإليزيه و10 دواننغ ستريت إلى بقالة سعودية صغيرة في حي عليشة في الرياض.
الأنكى من ذلك أن تميم لحد الآن مازال يعيش في حالة العشق السعودي, ومازال يأمل الحكمة والعفو من الملك سلمان كما عفى وصفح عنه عبد الله! سبحان الله حالة مازوخية مزمنة.
ويبدو أنهُ محاط بفريق هوائي مثله مغرمون بآل سعود أو على الأقل هم يدندنون حوله عن حكمة وأبوة سلمان؛ بينما سيوف آل سعود الغادرة مشرعة وفي شوق لتتخضب بدمائهم !
فما هو الحاصل بالضبط ؟
يبدو والله أعلم أن الحالة "المُرسية" قد أصابت تميم منذ توليه الحكم, ولا يُستبعد أن يكون هذا الداء قد انتشر في مصر ثم تسلل منها ووصل إلى قطر؛ وأن محمد مرسي هو أيضاً ضحية لذلك الوباء الغرامي.
وقد سار تميم على نفس خطى محمد مرسي بعد أن تم انتخابه ووصل إلى سدة الرئاسة في مصر, حيث أُصيب مُرسي حينها بالعمى السياسي والخدر الذهني وبدأت تظهر من وجهه ايقونات قلوب حمراء كلما جاء ذكر آل سعود أمامه؛ أُصيب بحالة من الخنوع والتذلل غير طبيعية!
وحينما كان الجميع يصرخ ويحذر من الغدر السعودي كان مرسي ومعه الإخوان يهونون من الأمر, ثم ذهب مرسي صاغراً إلى الرياض يُبدي الطاعة والولاء للغادر عبد الله بن عبد العزيز؛ رغم أن وسائل الإعلام السعودية لم تبق ولم تذر قدحاً وذماً فيه وفي أمانته وفي جماعته, مع هذا كان مُرسي صريع الغرام السعودي فشد رحاله إلى آل سعود يطلب ودهم حتى تم خلعه وقدم كقربان على مذبح انقلاب العسكر الممولين سعودياً, تلك كانت الحالة المرسية المُستعصية.

وتميم مر بنفس الأعراض الغرامية تلك وظهرت عليه علامات ذلك الفايروس العشقي, حيث ما أن يتم ذكر آل سعود أمام تميم حتى تبدأ ايقونات القلوب الحمراء تظهر على محياه ويبدأ بالإشادة بحكمة وحنو سلمان؛ وكأنه مسحور!
قوم يشحذون سكاكينهم لنحره وتجويع شعبه وهو يذوب عشقاً وولهاً فيهم, فهل تلومون آل سعود إذا ما تمادوا وقرروا نحره.
صحيح أن والده وحتى حمد بن جاسم كانوا يبتسمون ويضحكون الضحكات العريضة مع آل سعود, لكنهم لم يغفلوا عن خبثهم قط وقد جهزوا لهم مئات الخوازيق المميتة في حال لعب المراخنة بذيولهم, لهذا ردعوهم بنجاح طوال تلك السنين وجعلوا سلطان بن عبد العزيز حينها يأتي صاغراً إلى الدوحة لكي يطلب رضاهم.
فآل سعود باتوا يعرفون نقاط ضعف تميم بينما لا يعرف هو نقاط ضعفهم ولهذا الغلبة ستكون لهم, وأول تلك النقاط؛ تهالكه نحوهم واستماتته في كسب ودهم ورضاهم بينما كان العكس يحدث في عهد أبيه, وللآن هو ينتظر إشارة واحدة من الرياض لكي يشد رحاله لقصر سلمان لكي يخر خاضعاً بين يديه.
لكن الأمور قد تطورت وخرجت من يدي سلمان ومن معه وأصبحت الشروط الواجب تنفيذها بيد ترامب؛ فإن كان سلمان يُستطيع أن يُرتب الوضع باعتذار ووعود وعهود من قِبل تميم ويغلق الملف, الآن الأمر تحول املاءات أمريكية ربما تتطلب حزمة مليارات تعادل من تم حلبه من ضرع البقرة السعودية.


هل يستطيع تميم أن يرفض الاملاءات الأمريكية ويتحدى الحلفي الخليجي المضاد له؟
الأمر صعب ومُعقد لكنه مُمكن وغير مُستحيل, إلا أنهُ يحتاج لجهود مضنية وخلية أزمة مُحترفة وقرارات مؤلمة وجريئة ساعتها يمكن لتميم أن يُرغم ترامب على التراجع دون أن يدفع بنس واحد.
لكنه مازال يتخبط ويُراهن على حكمة سلمان, فقد حاول أن يجعل الشيخ صباح واسطة خير وجسر محبة مع اللإخوة الأعداء لكنه فشل بسبب عدم خبرته أيضاً, رغم يقني أنهُ لو أشعل أصابعه شمعاً للمراخنة لن يرضو عنه, لكنهُ منحهم الذريعة للتصلب أمام صباح الأحمد وأدان نفسه.
فهم من جهة أبدى رغبته بالتحاور والتفاهم وتطبيق ما يقدر عليه من شروط, وأثناء تلك المفاوضات جلب يوسف القرضاوي لقصره على عربة وقام بتقبيل رأسه !
هو من جهة يُحاول إطفاء نار غضب آل سعود ويرمي بكل البلاء والكيد على كاهل آل نهيان, وبنفس الوقت أرسل رسالة مثيرة للناقمين عليه بالقول أنه سيبقى سائراً في سياسته ولن يتخلى عن القرضاوي لأنه بالنسبة إليه رجل مقدس لا يمكن طرده.


فأثار على نفسه جميع أعشاش الدبابير في الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة وعمان وحتى الكويت, لأن تنظيم الإخوان أصبح مكروهاً من جميع الأنظمة وبات بمثابة الخرقاء الحمراء بالنسبة للثيران الهائجة, الكل يتطير من هذا التنظيم الانتهازي, فأخطأ مرة أخرى دون أن يقصد بسبب قلة خبرته السياسية.
وإذا كان ثمن استمرار حكمه ورخاء شعبه وإعادة الاستقرار إلى بلده هو رحيل القرضاوي من قطر؟ فليذهب إلى الجحيم.
مليوني مواطن قطري مُقابل القرضاوي وشلته حتى وإن كان عددهم 10,000, فإن مصلحة الشعب مُقدمة على مصلحة التنظيمات.
ثم ما الذي استفادته قطر أو الشعب القطري من الإخوان المسلمين ؟
تنظيم انتهازي وصولي خائر خائب لم يستطع أن ينفع نفسه على مدى 100 عام, فهل سينفع تميم أو القطريين ؟
ويُمكن فصل قضية دعم حماس كحركة فلسطينية مُقاومة للاحتلال عن قضية التخلي عن تنظيم الإخوان وطرد القرضاوي من قطر, وأنا أجزم أنهم سوف يوافقون على هذا الشرط لأنهم عدائهم مع الإخوان كتنظيم وخاصة آل نهيان.
أما النتائج السلبية والخسائر المالية المتوقعة في حال عدم قبول تميم التخلي عن تنظيم الإخوان؟
آل سعود أخبث من الربا وقد أعدوا العدة منذ وقت طويل وحسبوا كل النتائج وحصروا الخسائر التي ستتكبدها قطر, وهم الآن يُراهنون على النزيف المالي والاقتصادي القطري مع مرور الأيام, وحتى إن لاحت في الأفق بارقة للصلح فسوف يمطمطون وينتظرون لعدة أشهر حتى تخسر قطر مليارات الدولارات نتيجة الحصار حينها يشعرون بالراحة لأنهم استطاعوا أن يجعلوا قطر تخسر مليارات كما هم خسروها لصالح ترامب.
كيف ستتم تلك الخسائر المالية, وهل من المعقول أن قطر سوف تتكبد المليارات بسبب حصار بري وجوي بسيط ؟
الجواب: نعم معقول جداً؛ فقطر مخنوقة جغرافياً والمعبر السعودي هو رئتها الوحيدة, وللأسف فإنها ربطت مصيرها ومصير اقتصادها بتلك الرئة السعودية, ولهذا باستطاعة آل سعود خنق الاقتصاد القطري بكل يسر إلا في حال قامت قطر مُستقبلاً بإقامة نفق بحري تحت الخليج يصلها بالبر الإيراني كما كان الأمير السابق يُفكر.
لكن هذا المشروع مُكلف جداً مع أنه سيعوض خسائره في حال تم مد أنبوب غاز عبر إيران ثم تركيا ليصل إلى أوروبا, لكن المعضلة الأخرى أن إيران عدائية ومكروهة من قبل العرب على الضفة الأخرى, ومما زاد الطين بلة أطماعها وجرائمها الحربية التي مارستها في العراق وبلاد الشام, وهذا هو العائق الأخلاقي الكبير الذي يقف أمام القطريين ويمنعهم من تنفيذ هذا المشروع الحيوي, لكن قد تتم هذه الصفقة برعاية وتعهد وإشراف تركي.
فالأتراك أصبحوا محور أساسي في تلك الأزمة, حيث استطاع آل سعود بغبائهم أن يُعيدوا الأتراك إلى سواحل الأحساء بعد مرور 100 عام من انسحاب الجيش العثماني مُضطراً على وقع قنابل الإنجليز.
لكن الأتراك أصبحوا بعيدين جرافياً, ولكن ربما ينفذون هذا المشروع البحري العملاق بشراكة مع القطريين والإيرانيين حينها يصبح الغاز القطري في قلب أوروبا, لكن هل سيقبل الإيرانيين أن ينافسهم الغاز القطري ؟


فحتى وإن عادت العلاقات الآن مع السعودية فلن يقف القطريين مكتوفي الأيدي, ففرضية اندلاع أزمة جديدة مع السعودية واردة في أي وقت, خاصة أن قرار تجويع الشعب القطري الأخير قد شكل صفعة قاسية للحكومة القطرية ولا بد أن تبحث لها عن بدائل للمستقبل.
ولهذا فإن الأزمة الاقتصادية الحالية في قطر مُعقدة جداً ولها تداعيات خطيرة وليست كما يظن البعض أنها مسألة كراتين بيض وألبان المراعي, فكل السلع التي كانت تستوردها قطر من السعودية سوف تتضاعف أسعارها بسبب تكلفة الشحن, وهذا سوف يكلف الدولة القطرية أموالاً مُضاعفة وسيكون بمثابة نزيف يومي, ناهيك أن قطر تعمل على قدم وساق في بناء ملاعب كرة قدم والبنية التحتية والفنادق وكل المواد الأولية من حديد واسمنت تستورده من السعودية وبأسعار مُناسبة جداً, الآن سوف تتضاعف مواد البناء والأعمار ثلاث مرات, أولاً بسبب تكلفة الشحن وثانياً بسبب زيادة الطلب وشح المواد في الأسواق, ثم عليها أن تبحث عن أسواق مُناسبة وقريبة بعض الشيء لقطر, فعُمان مثلاً تُنتج الاسمنت والحديد ولكن هل لديها طاقة انتاجية كافية للتصدير؟ لا أعرف بالضبط.
إذن آل سعود سعيدين جداً لأنهم سوف يعرقلون عمليات البناء وإعداد الملاعب الخاصة بمونديال 2022م, وهذا أيضاً سيدفع قطر لدفع المزيد من الأموال من عدم توقف عجلة البناء, هناك أيضاً مئات الشركات السعودية العاملة في قطر, وكل تلك الشركات سوف تُغادر مُجبرة السوق القطرية وهذا ما سيؤدي إلى قلة في الأيدي العاملة وتوقف عدة مشاريع وتأثر كبير في سوق الأسهم وزيادة في انهيار العُملة القطرية.
لهذا آل سعود غير مستعجلين في حل الأزمة بل يُريدون إطالتها حتى لو قررت أمريكا حلها, وهم مرتاحون لهذا النزيف الذي لا يدركه سوى الحكومة القطرية, لأنهم يرغبون في رؤية المزيد من النزيف المالي القطري ليشعروا بالسعادة أكثر وهم يرون أموال قطر تتبخر كما تبخرت أموالهم.
إذن على تميم أن يجهز نفسه لقطيعة وربما عداء مع الولايات المتحدة الأمريكية إذا أراد حل ناجع وناجز, وعليه من الآن أن يفاوضهم بجزم وجدية من جديد على شروط وجود قاعدة العديد, فوجودها كان الغرض منه حماية النظام من أي اعتداء سعودي مُحتمل, الآن رئيس تلك الدولة صاحبة الجنود في تلك القاعدة يتآمر ببجاحة مع آل سعود للتخلص من النظام القطري.
فإن لم يتوقف ترامب ويرتدع ويكف كلابه في المنطقة, فالأحرى أن تُغادر قواته بسرعة قاعدة العديد في قطر ويحل بدلاً منهم جنود أتراك مُسلمين يقودهم رئيس عاقل وحريص على استقرار وأمان قطر, على الأقل يتخلص تميم من هاجس تأنيب الضمير ودعاء أهالي الضحايا الذين تقصفهم يومياً الطائرات الأمريكية في العراق والشام, المُنطلقة من قاعدة العديد القطرية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صنائع الإنجليز - بيادق برسي كوكس وهنري مكماهون

نفق لص اليمامة وبقية الديناصورات السعودية تترقب

مسلسل «قيامة ارطغرل» ولادة جديدة للدراما التركية الهادفة